رواية نور الروح الفصل 14… ماذا لو الفصل الرابع عشر
ماذا لو
نوفمبر 2017
في داخل غرفة الرعاية المركزة بمستشفي بالإسكندرية نفس المكان الذي جمع نور ومحمود منذ أيام ليقضيا اليوم معا عند مرض طفلها.
يرقد محمود محاطا بخراطيم من كل اتجاه تمده بالحياة بجسد فاقد الروح وجروح تغطي جسمه في غيبوبة تامة وإنفصال عن العالم المحيط ولكن ما لا نعرفه ان عالم الغيبوبة حياة أخرى.
في الخارج تقف سارة شقيقته واكرم ووالدته سحر جميعهم في حاله بكاء وإنهيار فكما بلغهم الطبيب أن جسده يرفض الإستجابة إلي محاولات إفاقته وكأنه في معركة مع رفضه العودة إلي الحياة .
في حياة الغيبوبة يري محمود العمر الذي مضي كاملا ولكنه ليس كما كان
يري نور في أيام دراستهم يري أنه قد أختارها
يري أنه لم يخسرها منذ البداية تتشكل في عقله حياه أخرى تمني أن تكون
يري نور بإبتسامتها التي عشقها منذ النظرة الأولي تقف في الشرفة تنظر عودته من العمل لتندفع بين أحضانه هي وابنه منها محمود الصغير لذي طالما حلم بأن يكون له طفل من نور يحمل ملامحها يحمل روحها التي اتحدت مع روحه من قبل الميلاد .
يعود بعقله وروحه إلي فبراير 2009 ليعاد يوم الوداع أمام عينيه
دقات المطر في كل مكان تعلن عن رفضها للفراق تنزل بكثرة وكأنها السماء تبكي خوف من لعنة فراق نور
في لحظة ما كان البحر يتعارك مع الأمطار في مشهد مهيب كأنه يرفض لحظة الفراق كانت نور تقف في وسط انهمار المطر لتتحد مع شلال دموعها كأنها تواسيها أو تحضتنها محدثة إياه
إنت عاوز تسافر وتسبني ليه بتحكي كل دا ليه بتقولي إنك أخترت السفر
محمود : أنا جاي النهاردة علشان أقولك أنا مش هسافر أنا مش هسيبك مقدرش أسيبك يا نور … إنتي نور الروح… لعنه فراق روحي دي
لعنة ….الموت رحمة بلي يعيشها يتمني الموت في كل لحظه علشان يترحم من كل ألم وكل ذرة رعب وخوف بتنهش في الروح مع كل شروق شمس
فراقك ظلمة وانا بخاف من الظلمة من غيرك يا نور …. مع بعض هنعدي المحنة حتي لو اخدت وقت بس هنعديها المهم إننا نعديها وادنا في إيد بعض .
كان البحر يعتلي بأمواجه گأنه يدفعها إلي حضن محمود لترتمي بين احضانه لتحتمي من العالم .
وتخرج الكلمات منها
أنا واثقه إننا هنعدي وهنكبر حبك هو دوا روحي
في عالم غيبوبة الأحلام رأي محمود ما تمني أن يكون فعلا رأي العمر الذي مضي كيف كان سيكون مع نور في كل ما يراه .
مشاهد من حياته مختلطة بتخيلاته تونس صمت روحه المرعب في رفضها للحياة .
في خارج غرفه العناية المركزة تقف نور في حالة صدمة ممسكة بيد ساره وكانها ترجوها أن تطمئنها
ولكن من اين المدد؟؟؟؟
وفي وسط إنهيار نور ودموعها تجد أمامها حالة هرج ومرج تحدث فجأة
رجل عثر عليه ميتاً سكيراً علي الشاطئ وكأنما شئ ما يدفعها لتتجه اليه لتقوم برفع الغطاء عن جثته لتشهق بصوت عالي يمتزج بين الفرحه والألم في أن واحد
مااااارك
لقد كانت الجثه لمارك الذي افرط في الشراب
وتعاطي المخدرات ليلة امس ليصاب بهبوط حاد في الدم دون أن يشعر به أحد ويموت علي الشاطئ .
أكرم:ساحبا يديها … مارك مين يا نور إنتي تعرفي الراجل دا
نور من وسط دموعها ولعناتها علي مارك …. دا طليقي دا السبب دا لعنه حياتي وتبدأ في حالة صراخ
الله يلعنك يا مارك روح قابل ربنا بكل اللي الأذي الي حفرته في حياتك الله يلعنك .
حقي رجعلي منك حق الذل والوجع حق رقده محمود لتبدأ في ضرب الجثة دون وعي ويشدها أكرم وسارة والممرضات لتسقط مغشياً عليها .
بعد ساعة تفوق نور لتجد سارة واكرم بجانبها
نوربدموع لا تتوقف … أكرم أنا عاوزه أدخل أشوفه…. عاوزه أشوف محمود
اكرم بنره تحمل ألم الخوف ألا منتاهي … حاضر يا نور … يا رب يحس بيكي .
– أنا متاكده أنه هيحس … محمود حتة من روحي يمكن قعدت سنين علشان أفهم دا بس اكيد مش متأخر .. صح قولي إنه مش متاخر .
أكيد ربنا خلصني من شر مارك علشان مبقاش خايفة علشان يردلي محمود مستجدية منه الاطمئنان قولي صح.
أكرم ممسكا بيديها محاولا تهدئتها …. خير يا نور اطلبي المعجزة من ربنا .
تدخل نور الي غرفة محمود تجلس بجوار سريره تحدثه
عارفة إنك زعلان مني حقك عليا وجعي غلبني في لحظة نفسي ضحكت عليا وقالتلي كبريائك ومن ناحيه تانية خوفت من مارك بس هو خلاص مات مش هخاف تاني هواجه بيك يا محمود .
لو هقولك كبريائي.. كبريائي … إزاي مع روحي الوجع من الروح للروح بيدبح .
وأحنا الإتنين إتدبحنا زمان ولما جت الفرصة أننا نرجع أنا فرطت فيها محمود متسبنيش … متسبنيش يا حبيبي ..
أول مره أقولها من سنين يا حبيبي وتمسك يديه من وسط الاجهزة لتحضنها وتبكي بكل عنف الألم الذي يحتضن روحها تمر الساعات ونور ممسكة بيد محمود
لتدخل ساره لتجد نور محتضة يده ونائمة في نوم عميق و دموعها لا تتوقف عن النزول حتي أثناء نومها
لتشعر وكأن عيون نور لم تعرف النوم بأمان إلا في يد محمود .
تفوق نور علي صوت حركه سارة .. أنا أسفه أنا نمت من التعب .
ساره مربته علي كتفيها ..حبيتي إنتي تعبانه روحي دلوقتي علشان إبنك
– لا إبني مع ماما والمربية
وسارة و في عيونها نظرة تحمل الأستغراب … نور إنتي لابسة أسود ليه أنا أٍسفه إني مخدتش بالي اللى أعرفه انك مش بتحبي الأسود في اللبس .
بصوت باكي … بابا أتوفي أول إمبارح أنا سافرت علشان كدا أتوفي وسابني ومحمود كمان عاوز يسبني لترتمي بين أحضان ساره باكية .
تظل ساره محتضنها لدقائق تتحد فيها دموعهم معاً تردد فيها ساره إدعيله يا نور إدعيله إنتي حب عمره.
تسترد نور كلماتها من وسط دموع خوفها … سبني مع محمود يا ساره أنا واثقة لما يحس إني جنبه هيحس ويفوق .
ساره… أنا هنزل أجيب لكي حاجه تاكليها وأطلع علشان خاطري هتاكلي إتفقنا محمود محتاجنا كلنا جنبه ولازم نقدرعلشان بنحبه .
تخرج سارة من الغرفة لتفتح نور حقيبتها لتخرج دفتر خواطرها الذي لا يفارقها منذ يوم الفراق لتسطر فيه
إلي قلب أحبيته بكل ذرة روح وعشق إلي فارسي وجندي مجهول
إلي من جعلني أذوق النور في بستان عينيه
إلي من كان ملجئي ومهربي في عنف طبول الحرب
إلي من كنت في يديه طفلة تتعلم الحياة
فكنت لها النور والطريق
إلي الجندي المجهول ومبعث قوتي
كم أهواك
كم تمنيت أن تسمعها الان
الله وحده يعلم كم تبقي لك من دقات القلب الصامتة تحت أجهزة الحياة
أنت حصني من هشم الروح ومحاربي وحارسي
وهل من قبلة تعيدك للحياة ؟؟؟؟؟؟
تقوم نور بقراءة ما سطرته في دفتر خواطرها وهي ممسكة بيد محمود مرات عديدة
تشعر وكأنه يسمعها فعلاً ممسكة بيديه …… تدخل من بين خراطيم الأجهزه لتحتمي بين أحضانه
في تلك اللحظة يتسارع جهاز دقات االقلب ليعلو صوته فيدخل الأطباء مسرعين ليتفجأوا بسرعة جريان الدم في عروق محمود …..
يا من أنت الروح والأرواح كالأجساد
وما قيمة البدن أصلا
وقد أعطيت الروح من زمن
فتعال حتى أهب الروح أيضا
شمس الدين التبريزي
نهاية الفصل الرابع عشر
#الكاتبة_نور_البشرى
#رواية_نور_الروح
#الكاتبة_نور_البشرى #رواية_نور_الروح #بقلمي